سورة مريم - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (مريم)


        


{وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (17) قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا (19) قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (22)} [مريم: 19/ 16- 22].
كل قصة في القرآن الكريم محل تأمل وإعجاب، وموضع تجليات لأيادي الرحمن، فيزداد أهل الإيمان إيمانا، بما أخبر الله، ويزداد أهل الشقاوة شقاء، بسبب انعدام التصديق والإيمان بكلام الله وخبره.
وهذه قصة عجيبة، افتتحت بمطالبة نبينا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم بأن يذكر للناس قصة مريم العذراء البتول عليها السلام، الطاهرة المطهرة من الدنس والرجس والفسق، حين اعتزلت الناس وأهلها، وابتعدت عنهم إلى مكان شرقي بيت المقدس، لتتفرغ للعبادة والابتهالات الربانية، والتضرع بإخلاص وخشوع وفراغ قلب لله عز وجل. ومن أجل اتجاه مريم لمكان شرقي اتخذ المسيحيون قبلتهم نحو الشرق.
فاستترت من الناس، واتخذت حاجزا بينها وبينهم، لئلا يروها حال العبادة، فأرسل الله إليها روح القدس جبريل عليه السلام، أمين الوحي، متمثلا بصورة إنسان تام الخلقة، لتأنس بكلامه، ولئلا تنفر من محاورته في صورته الملكية، فظنت أنه يريدها بسوء، كما رئي جبريل في صفة دحية الكلبي في حوار النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وفي سؤاله عن الإيمان والإسلام.
قالت مريم للملك الذي تمثل لها بشرا، لما رأته قد خرق الحجاب الذي اتخذته، فأساءت به الظن: إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت ذا تقى. قال أبو وائل: علمت أن التقي ذو نهية. سلكت معه مسلكا لينا يعتمد على العقل والتقوى والحكمة، فخوّفته أولا بالله عز وجل، والاستعاذة والتخويف لا يؤثران إلا في التقي. وهذا دليل على عفافها وورعها، حيث تعوذت بالله من تلك الصورة الجميلة الفاتنة.
فأجابها جبريل بالأسلوب الهادىء نفسه، مهدئا روعها، ومزيلا مخاوفها: لست أريد بك سوءا، ولكني رسول من عند الله الذي استعذت أو استجرت به، بعثني إليك لأهب لك غلاما زكيا، أي طاهرا من الذنوب، ينمو على النزاهة والعفة. وقد نسب الهبة لنفسه: {لِأَهَبَ}.
لإجراء الأمر على يده، وبواسطته بأمر الله تعالى. وكأن نفخ الروح الذي فعله مجرد تعاط للأسباب، والحقيقة: أي ليهب لك الله.
فتعجبت مريم مما سمعت، وقالت لجبريل: كيف يكون لي غلام، وعلى أي صفة، يوجد هذا الغلام مني، ولست متزوجة ولم يقربني زوج، ولا يتصور مني الفجور، ولم أك يوما بغيا، أي زانية، أو مجاهرة مشتهرة بالزنى، وأنا العذراء البتول، والقائمة بعبادة الله قياما مستقلا متفرغا.
فأجابها جبريل الأمين: إن الله قال: سيوجد منك غلاما، وإن لم يكن لك زوج، ولا من طريق الفاحشة، وليجعله الله آية أو علامة للناس على قدرته، حيث خلق آدم من غير ذكر وأنثى، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى فقط، وخلق أغلب الناس من الزوجين: الذكر والأنثى. وليكون هذا الغلام رحمة من الله يبعثه لعباده، وطريق هدى لعالم كثير، فينالون الرحمة بذلك، يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وكان هذا الأمر قد أبرم به القضاء الإلهي، وقدّره الله في سابق علمه، لا يتغير ولا يتبدل، أي إن الأمر قد قضي وانتجز، ولا مرد منه.
روي أن جبريل عليه السلام- حين قال لها هذه المقالة- نفخ في جيب درعها (فتحة قميصها) فسرت النفخة بإذن الله تعالى، حتى حملت منها. قال وهب بن منبّه وغيره:
فحملت الغلام بعد هذه النفخة الروحانية، فلما أحست مريم عليها السلام بذلك، وخافت تعنيف الناس، وأن يظنّ بها البشر سوءا، انتبذت، أي تنحّت مكانا بعيدا حياء وفرارا، على وجهها.
ومكث الحمل في بطن السيدة مريم كالمعتاد الغالب، وهو تسعة أشهر قمرية، ليتغذى الطفل من دم أمه، ويتنشأ بعواطفه محبا غيورا عليها، متمسكا بانتمائه إليها، معتزا بارتباطه بها، يملأ جوانحه عاطفة الأمومة.
ولادة عيسى عليه السلام:
إننا لنقدر عاليا تلك المشاعر الجياشة المؤلمة التي أحسّت بها السيدة مريم العذراء البتول، حين اقتراب ميعاد وضع حملها المبارك، وهي المرأة المنقطعة للعبادة، القائمة بحقوق الله تعالى على أتم وجه، وهي من بيت كريم ونسب شريف، إن الناس لا يعذرون من كان أقل شأنا أو رتبة من السيدة مريم، إذا ظهر عليها الحمل، وهي بكر، فما بالك بمريم؟! لقد عانت معاناة شديدة من ظهور بوادر المخاض، فماذا تعمل؟ إنها اعتصمت بالصبر، وادرعت بالإيمان المتين، وفوضت الأمر لله ربها، وتوكلت عليها، وهذه المشاعر الأليمة صوّرتها لنا الآيات التالية:


{فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (23) فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26)} [مريم: 19/ 23- 26].
بعد اكتمال مدة الحمل بعيسى في بطن أمه، اضطرها المخاض وألجأها وجع الولادة وألم الطلق إلى الاستناد إلى جذع نخلة، لتسهيل الولادة، فتمنت الموت قبل ذلك الحال، أو تكون شيئا متروكا محتقرا، أي جعلها في عداد المنسيين حيث لم تخلق ولم تك شيئا، استحياء من الناس، وخوفا من ظن السوء بها، دينا وخلقا وسمعة وسلوكا، وقد تظاهرت الروايات أنها ولدته لثمانية أشهر استثناء وخصوصية لعيسى عليه السلام خلافا للمعتاد أنه لا يعيش ابن ثمانية أشهر.
قال ابن كثير: فيه دليل على جواز تمني الموت عند الفتنة، فإنها- أي مريم- عرفت أنها ستبتلى وتمتحن بهذا المولود الذي لا يحمل الناس أمرها فيه على السداد، ولا يصدّقونها في خبرها، وبعد ما كانت عندهم عابدة ناسكة، تصبح عندهم فيما يظنون عاهرة زانية.
في هذه الأزمة والتعرض لآلام المخاض واستناد مريم لجذع نخلة بال يابس ناداها من تحتها عيسى المولود- في رأي مجاهد والحسن وابن جبير وأبّي بن كعب- أو ناداها جبريل عليه السلام، في قول ابن عباس، من تحت الأكمة أو النخلة، قائلا لها: لا تحزني، فقد جعل ربك تحتك جدولا أو نهرا صغيرا، أجراه الله لتشربي منه.
والأصح أن عيسى هو المنادي، ليكون ذلك آية لأمه، وأمارة أن هذا من الأمور الخارقة للعادة التي لله فيها مراد عظيم، فإنه يتبين به عذر مريم، ولا تبقى به استرابة، فلذلك كان النداء ألا يقع حزن.
وأضاف المنادي قائلا: حركي جذع النخلة، تسقط عليك رطبا طريا طيبا، صالحا للاجتناء والأكل، من غير حاجة إلى تخمير وصناعة، وهذه آية أخرى، بقدرة الله.
قال الزمخشري: كان جذع نخلة يابسة في الصحراء، ليس لها رأس ولا ثمر ولا خضرة، وكان الوقت شتاء. فكلي من ذلك الرطب، واشربي من ذلك الماء، وطيبي نفسا، ولا تحزني، وقري عينا برؤية الولد النبي، فإن الله قادر على صون سمعتك، والإرشاد إلى حقيقة أمرك. قال عمرو بن ميمون: ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب، ثم تلا هذه الآية الكريمة.
وتابع المنادي قائلا: فإن رأيت إنسانا يسألك عن أمرك وأمر ولدك، فأشيري له بأنك نذرت لله صوما عن الكلام، أي صمتا، بألا أكلم أحدا من الإنس، بل أكلم الملائكة، وأناجي الخالق.
ومعنى الآية: أن الله تعالى أمر مريم- على لسان جبريل أو ابنها عليهما السلام- بأن تمسك عن مخاطبة البشر، وتحيل على ابنها في ذلك ليرتفع عنها خجلها، وتتبين الآية والمعجزة، فيظهر عذرها. وظاهر الآية أنها أبيح لها أن تقول هذه الكلمات التي في الآية: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا}.
كان هذا الصوم صوما عن الطعام والكلام، لظرف خاص، فإن السكوت يوحي بوجود لغز في الموضوع، يستدعي استغراب الناس، ثم إدراك سبب الصيام عن الكلام بالذات. قال جماعة: أمرت مريم بهذا ليكفيها عيسى الاحتجاج.
أما في الأحوال العادية فلا يجوز في شرعنا الصوم عن الكلام، ولا يجوز في شرعنا أن ينذر أحد صوما عن الكلام، وكان ابن مسعود يأمر من فعل ذلك بالنطق والكلام.
لكن من آداب الصوم الشرعي الإمساك عن الكلام القبيح، قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فيما يرويه البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعا: «إذا كان أحدكم صائما، فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه، فليقل: إني صائم».
كلام عيسى عليه السلام في المهد:
ظهرت معجزة عيسى عليه السلام حينما نطق بعد ولادته، وهو مولود صغير، ما يزال في المهد والفراش، وكان ذلك خير دليل ألقى الطمأنينة في قلب أمه المحتارة والقلقة على هذا الحدث، فإنها علمت أن هذا الطفل يكفيها مهمة الحجاج والدفاع عن سمعتها، وأنه سيعرف عذرها، فتشجعت على المجيء لقومها وبلدها، وفي وسط اجتماعي عام نطق الطفل كالخطيب الفصيح، وهذا ما توضحه الآيات التالية:


{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (27) يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (32) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)} [مريم: 19/ 27- 33].
روي أن مريم عليها السلام لما اطمأنت بما رأت من الآية الباهرة، وهو نطق ابنها الوليد الطفل، وعلمت أن الله تعالى سيبين عذرها، أتت به تحمله من المكان القصي الذي انتبذت فيه.
وروي أن قومها خرجوا في طلبها، فلقوها وهي مقبلة.
أتت السيدة مريم بطفلها الوليد إلى قومها، بعد أن استسلمت لقضاء الله وأمره، وبعد أن برئت من نفاسها، منتقلة من المكان القصي البعيد، فلما رأوا الولد معها، حزنوا وأعظموا الأمر واستنكروه بشدة، وقالوا: يا مريم، لقد فعلت أمرا فريا عظيما شنيعا خارجا عن المألوف، وهو الولادة بلا أب، وكانوا أهل بيت صالحين.
يا أخت هارون أخي موسى، لأنها كانت من نسله، كما تقول لرجل من قبيلة: يا أخا فلانة. أو يا شبيهة هارون في العبادة، فليست مريم إذن أختا معاصرة لهارون أخي موسى، لأن بينهما في المدة ست مائة سنة. كيف تأتين بهذا؟ فلم يكن أبوك فاجرا عاصيا، ولم تكن أمك زانية بغيا.
والمعنى: ما كان أبوك ولا أمك أهلا لهذه الفعلة، فكيف جئت بها أنت؟
فأشارت مريم إلى عيسى الطفل الوليد أن يكلمهم، مكتفية بالإشارة لأنها نذرت الصوم عن الكلام، فقالوا لها متهكمين بها، ظانين أنها تهزأ بهم وتحتقرهم: كيف نكلم طفلا صبيا ما يزال في المهد، أي فراش الرضيع؟
وحينئذ ظهرت المعجزة الكبرى بنطق الرضيع، كأنه خطيب الجماهير، فوصف نفسه بتسع صفات، وهي:
- قال عيسى: إني عبد تام العبودية لله الكامل الصفات، الذي لا أعبد غيره، وهذا أول اعتراف بعبوديته لربه.
- آتاني الكتاب، أي أعطاني التوراة أو التوراة والإنجيل، وقدّر لي في الأزل أن أكون ذا كتاب.
- وقدّر لي أن أكون نبيا، وفي هذا تبرئة لأمه مما نسبت إليه من الفاحشة، لأن الأنبياء عادة أطهار، ليسوا أولاد زنا.
- وصيرني الله مباركا، أي نافعا، قضّاء للحوائج، معلما للخير، هاديا إلى الرشاد في أي مكان وجدت.
- وأوصاني، أي أمرني بأداء الصلاة التي تصل العبد بربه، وبإيتاء الزكاة التي هي طهرة للمال، وعون للفقير والمسكين، ما دمت على قيد الحياة.
- وجعلني بارا بوالدتي مريم، وأمرني ببرها وطاعتها والإحسان إليها بعد طاعة ربي لأن الله كثيرا ما يقرن بين الأمر بعبادته وطاعة الوالدين. وهذا أيضا دليل واضح على نفي الزنا عنها، إذ لو كانت زانية لما كان الرسول المعظم مأمورا بتعظيمها. وقوله: (بوالدتي) بيان لأنه لا والد له، وبهذا القول برّأها قومها.
- ولم يجعلني الله جبارا شقيا، أي متعاظما مستكبرا عن عبادة ربي وطاعته وبر والدتي، فأشقى بذلك.
- والسلام علي، أي والسلامة والأمان علي من كل سوء، يوم الميلاد، فلم يضرني الشيطان في ذلك الوقت، ولا أغواني عند الموت، ولا عند البعث، فأنا في أمان لا يقدر أحد على ضري في هذه الأوقات الثلاثة. وهذه الصفة أيضا إثبات منه لعبوديته لله عز وجل، وأنه مخلوق، من جملة خلق الله، الذي يحيا ويموت ويبعث كسائر الخلائق، ولكنه موصوف بالسلامة في هذه الأحوال التي هي أشق ما يكون على العباد.
وفي قصص هذه الآية- عن ابن زيد وغيره- أنهم لما سمعوا كلام عيسى عليه السلام، وهو في المهد، أذعنوا، وقالوا: إن هذا لأمر عظيم.
وروي أن عيسى عليه السلام إنما تكلم في طفولته بهذه الآية، ثم عاد إلى حالة الأطفال، حتى نشأ على عادة البشر.
حقيقة عيسى عليه السلام:
تتفاوت أنظار الناس عادة في العظماء والقادة، فمنهم المبالغ الخارج عن الحق والحقيقة، إما بحسن نية أو بسوء نية، أو بغباء وجهل، ومنهم المعتدل في كلامه وإصدار أحكامه، وهذا شأن العلماء والعقلاء وأصحاب النظر السوي، حتى لو كانوا من العوام. ومن بين أولئك السادة الكبار الذين اختلف الناس في شأنهم عيسى عليه السلام، وها هو القول الحق فيه، من غير خروج على الواقع والمألوف، ويتبين ذلك في الآيات التالية:

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7